ن |
لا تخفي مناهج التاريخ السويدي كيف كانت حالة هذا البلد قبل حوالي 100 سنة من الآن، وكيف أجبرت ظروفه الاقتصادية والاجتماعية الآلاف على ترك مدنهم وقراهم والهجرة إلى الولايات المتحدة، التعرف على تاريخ السويد يعطي فكرة عن تجربة شعب ودولة استطاعت في مدة قياسية النهوض من مراحل شبه العبودية ونظام الأقنان إلى مصاف الدول الصناعية وما بعد الصناعية وتحقيق نظام اجتماعي وسياسي يدعو إلى أن يكون مثالا يحتدى به
يعود تاريخ السويد المعروف إلى الألفية الثانية عشرة قبل ميلاد السيد المسيح، وتم العثور على مخيمات لاصطياد الأيل البولندي في أقصى جنوب البلاد تعود إلى أواخر حقبة العصر الحجري، وعثر في المكان على آثار مجموعات صغيرة من صيادين كانوا يستخدمون أسلحة مصنوعة من الحجر الصوان.
وتبين الشواهد التاريخية أن السويد عرفت الزراعة وتربية الحيوانات والدفن التذكاري والفؤوس المصقولة الحادة والفخار المزخرف في الألفية الرابعة قبل الميلاد، ووصلت إليها من القارة الأوروبية. وأن ثلث السويد الجنوبي وجزءًا من المنطقة الزراعية الشمالية، في العصر البرونزي، كان مؤلّفًا من مراعي تربية المواشي، يقع معظمها تحت السيطرة الدنمركية.
وكانت السويد تعتمد حتى العام 1700 قبل الميلاد على الواردات البرونزية من أوروبا. فلم تنشط فيها أنذاك عمليات التنقيب عن النحاس محلياً، كما لم تكن الدول الاسكندنافية تملك خامات قصدير. ونشطت صناعة التعدين البدائية إذا كانت المعادن المستورة تستخدم في صنع التصاميم المحلية.
وفي أثناء العصر البرونزي عاشت بلدان الشمال الأوروبي أطوار الحياة البدائية، إذ كان الناس يعيشون في القرى الصغيرة والمزارع، في منازل طويلة ذات طابق خشبي واحد.
وفي القرن الحادي عشر قبل الميلاد بزغ العصري الحديدي في السويد وظهرت بدايات الطراز المعماري الحجري والرهباني، ويستدل على ذلك بالآثار الباقية وقصاصات من المواد المكتوبة في فترات لاحقة تميزت بالقصر والإيجاز.
بروز النشاط الزراعي
وشهدت تلك الحقبة تغيرات مناخية قاسيةـ ما اضطر المزارعين إلى الحفاظ على الماشية في منازلهم خلال فصل الشتاء الطويل، واستفادوا من روث الحيوانات كسماد طبيعي لتطوير زراعاتهم وتخصيب التربة.
وفي القرن الثاني الميلادي تم تقسيم معظم الأراضي الزراعية في جنوب السويد بواسطة جدران منخفضة إلى حقول خضراء دائمة ومروج لعلف الشتاء على أحد جانبي الجدار، وعلى الجانب الآخر من الجدار هنالك الأرض المسورة بالخشب حيث ترعى الماشية. وبقي هذا التنظيم سائداً حتى القرن التاسع عشر الميلادي.
وشهدت الفترة الرومانية أول توسع للمستوطنات الزراعية حتى ساحل بحر البلطيق في ثلثي البلاد الشمالي. وورد ذكر السويد في كتاب "جرمانيا" للمؤرخ تاسيتس الذي تمت كتابته عام 98 ميلادي، وفيه ورد ذكر قبيلة (Suiones) السويدية بوصفها قبيلة قوية تملك إضافة إلى الرجال والأسلحة أساطيل قوية فيها سفن مسننة الطرفين. ولم يأت المؤرخ على ذكر الملوك الذين حكموا هذه القبائل، لكن الميثولوجيا النرويجية تذكر سلسلة من الملوك الأسطوريين وشبه الأسطوريين الذين يرجعون إلى حقبة القرون الأخيرة قبل الميلاد.
تطور التجارة في السويد
كانت كل من يستاد في سكانيا وبافكين في جوتلاند، في الوقت الحاضر في السويد مراكز تجارية مزدهرة في المراحل المبكرة من عصر الفايكنج الاسكندنافي، وتم العثور على بقايا ما يعتقد أنه سوق كبيرة في يستاد تعود إلى 600-700 ميلادية. أما في بافكين، فتم العثور على بقايا ما يبدو أنه مركز تجاري مهم في منطقة بحر البلطيق خلال القرنين التاسع والعاشر، حيث تم العثور على ميناء ضخم يعود لعصر الفايكنج مع أحواض بناء سفن وصناعات يدوية. بين عامي 800 و1000 ميلادي، وجلبت التجارة وفرة من الفضة لجوتلاند وفقا لبعض العلماء، في هذا العصر امتلك الجوتلانديون فضة أكثر من بقية سكان الدول الاسكندنافية مجتمعة.
دخول المسيحية إلى السويد
وجلب القديس "أنسجار" المسيحية للسويد في 829، ولكن الدين الجديد لم يستبدل الديانة الوثنية المحلية في شكل كامل حتى القرن الثاني عشر. وفي القرن الحادي عشر، أصبحت المسيحية الديانة الأكثر انتشاراً، وفي عام 1050 أصبحت السويد بمثابة أمة مسيحية.
السويد والكتابة…
أما بالنسبة للكتابة، في السويد بعينها فإن هناك الأبجدية الطلسمية التي تم ابتكارها على يد النخبة الاسكندنافية الجنوبية في القرن الثاني الميلادي، ولكن كل ما وصل من العهد الروماني هو العلامات المقتصرة على القطع الفنية معظمها لأسماء ذكور، وتوضح أن الناس في جنوب اسكندنافيا تحدثوا اللغة النرويجية القديمة وقتذاك وهي لغة سابقة للسويدية ولغات جرمانية شمالية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق